vendredi 17 octobre 2008

حلّ فصل الخريف


لكلّ عاشق قصّة و لكلّ سهرة قمر ولكلّ عمر خريف... هلمّ بالصيف يسدل ستاره و ينهي استعراضه الآخير فيخلي الساحات المكتظّة و يهجر زواريب الأحبة ليترك صمتاً مخيفاً تعترضه بين حين وآخر، أصوات ما تبقّى من أوراق الشجر المتناثرة هنا وهناك كما ذكريات الصبا القابعة في ظلال السنديان والزيتون... ها هي الشمس تهلّ ببطء حزين في السماء الرماديّة، تلمس بدفئها أجنحة الطيور المهاجرة وتحرّك خيوطها مع أصداء الناي، يحمله الراعي في رحلة وداع وقد بخلت الأرض..تشبع قطيعه إلاّ قليلاً..وها هي ثريّات الكرز واللوز تتعرّى وتدفن آخر حباتها في طياّت البساط الذهبي، تداعبه نسمة دافئة حيناً فتعزف بحفيف أوراقه أعذب الألحان وتقلبه ريح مصفّرة أحياناً فتتلألأ الأوراق على جبين الأرض كما تقلب سفينة الحبّ المسافرة مع الزمن صفحة الموج وتضعف عظمة زبده الماسي...للخريف بين سطور الشعراء من الحب و الجمال قصيدة، هو بحقّ فصل يصمت فيه طنين النحل ليطن عصف حداد قائم، لا تنثر فيه شعيعات الشمس في ظلام الغابات المحتضرة سوى ظلال باهتة..إنّه الخريف.. يسلخ عن جبهة الطبيعة خضارها الزاهي ليرمي على جثة مستنقعاتها ورقاً يابسا و سباتاً تخترقه وحشة الحياة..أهلاً بالخريف.. جميل كما عهدناه دوما.. بحزنه الذي يغمر الساحات و بكائه الراقي الذي يزيّن صفحات الأيّام.. إنّه فصل العشق والهوى.. تتساقط فيه كلمات الغرام كتساقط آخر أيّام الحر.. و يبقى فيه سكون الليل و هجران الفراشات لزهورها الشاحبة أروع و أسمى لوحات الحياة

Aucun commentaire: