vendredi 17 octobre 2008

قلوب من ورق


يسيرون وكأنّ الكون بكلّ ما فيه من قسوة وعنف ملك أيديهم و يعبرون جسور الحياة بملامح تبدو أقوى وأصلب من قلب الأرض بذاتها... هم الرجال! معدن الأيّام وأرباب العائلات وسند الأمّهات الثكلى.. من لنا سواهم، تلجأ إليهم النساء مكسورات الأجنحة لمداواتهنّ بأمان وطمأنينة غامرة! ويرتسم على وجوههم تحدّ يكسر غدر الدهر وفي نظراتهم سكون و جفاف عاصف أشبه بالبرود... و لكن... أليس لهم كما للنسوة عيون تدمع وقلوب تخشع وآمال تسير قبالة شاطئ النكسات والاعتزاز...للرجال، خلف قناع يعجب له النظر، قلوب من ورق!إنّي لقلّما رأيت رجلاً يبكي و لكم أتوق لتغسل خدود الرجال دمعة حنين أو شوق لوطن... و شتّان ما بين الدموع و البكاء! فالرجل لا يبكي...بل يحترق في داخله ويعبّر عن مشاعره بشيفرته الخاصّة! فقد يصمت أو يصرخ أو يغضب أو يحطّم كل ما يقع في قبضته.. تحدّ للبكاء في آن وتمسّك برجولة لا تمسّ و لا تخضع! لم أر يوماً رجلاً يبكي، لأنّه يختبىء و يحتجب عن نظرات من حوله ويمضي ساعات وساعات أسيراً و آسراً لجرح ومعاناة بينما يمسي الدرع الواقي لغيره.لماذا يخفي الرجل مشاعره وقليلاً ما يطلق العنان لأحاسيسه؟ لماذا يطبع بوجوم قارس جبين اللحظات المريرة ويأبى! نعم يأبى!سواء كان الأمر خوفاً من الضعف أو طمأنة لمن حوله، تبقى مشاعر الرجل أسماها وأقواها.. ومن الرجال من لا يخشى ارتسام مشاعره على وجهه، فيمزّق أنينه صوت حنجرته وتغرق عيناه بالدموع...وهذا ليس بضعف...فما أجمل خشوع القلب الحديدي وخضوعه لعصف الإنسانيّة!إن أخفى الرجل مشاعره فقد لا يبرع فحسب، بل وقد يبدو أكثر صلابة من قبل! وإن أظهرها، فهو دليل على رقّة قلبه.. فقلوب الرجال... قلوب من ورق.. تطبعها أقوى الفواصل والنقاط، بينما تخفي بين سطورها إنسانيّة وتأثّراً يتلاشى فيهما الجبن، لتبقى تعويذة الوجهين: وجه يوجه، ووجه لا يرى دمعه سوى ظلّه العاتي

Aucun commentaire: